أصبح التحرش الإلكتروني من أبرز القضايا التي تؤثر على الأفراد في العصر الرقمي، ويشمل سلوكيات غير مرغوب فيها ومؤذية يتم ارتكابها عبر الإنترنت باستخدام وسائل التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. يمكن أن يكون التحرش الإلكتروني موجهًا ضد الأفراد أو المجموعات، ويؤثر على ضحاياه نفسيًا واجتماعيًا بشكل كبير. في هذا المقال، سنتناول مفهوم التحرش الإلكتروني، أسبابه، والآثار التي يترتب عليها، بالإضافة إلى كيفية التعامل معه قانونيًا في مصر.
مفهوم التحرش الإلكتروني:
التحرش الإلكتروني هو أي شكل من أشكال الإساءة أو الإزعاج التي يتم تقديمها عبر وسائل التكنولوجيا الرقمية، مثل الإنترنت، التطبيقات الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي. يشمل التحرش الإلكتروني العديد من الأفعال مثل:
-
الإرسال المستمر للرسائل غير المرغوب فيها: مثل الرسائل الجنسية أو التهديدات أو الشتائم.
-
التشهير والتصيد الإلكتروني: نشر معلومات كاذبة أو خاصة تهدف للإضرار بسمعة الشخص.
-
المطاردة الإلكترونية: متابعة الشخص باستمرار على وسائل التواصل أو إرسال رسائل دون توقف.
-
الصور أو الفيديوهات غير المرغوب فيها: إرسال صور أو مقاطع فيديو غير لائقة أو تعرض مشاهد جنسية.
أسباب التحرش الإلكتروني:
التحرش الإلكتروني لا يحدث في فراغ، بل يتسبب فيه مجموعة من العوامل التي تشمل:
أ. الأنonymity (التمويه والاختباء خلف الشاشة):
-
في العالم الرقمي، يستطيع المتحرشون أن يخترقوا خصوصية الأفراد دون كشف هويتهم، ما يجعلهم يشعرون بالتحرر من العواقب القانونية والاجتماعية.
ب. زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي:
-
زادت الأنشطة الإلكترونية من تفاعل الأشخاص على الإنترنت، وهو ما يزيد من احتمالات تعرضهم للتحرش الإلكتروني. يسهل التواصل مع الآخرين عبر الإنترنت، ما يجعل من السهل ارتكاب الأفعال المسيئة.
ج. ضعف الوعي القانوني والثقافي:
-
في بعض الأحيان، قد يكون الأشخاص غير مدركين للآثار القانونية والتحذيرات المتعلقة بالتحرش الإلكتروني. عدم التوعية الكافية بأهمية الخصوصية وكيفية الحماية يجعل الأشخاص عرضة للاستغلال والتحرش.
د. المشاكل النفسية والاجتماعية:
-
التحرش الإلكتروني قد يحدث نتيجة مشاكل نفسية لدى المتحرش، مثل رغبتهم في ممارسة السلطة أو الانتقام، أو بسبب تعرضهم لأنماط مماثلة من السلوك في حياتهم الواقعية.
هـ. ضعف الرقابة على الإنترنت:
-
في بعض الأحيان، قد لا تكون هناك رقابة كافية على المحتوى أو السلوك على الإنترنت، مما يسهل للمتحرشين استهداف الأشخاص دون الخوف من التعرّف عليهم أو معاقبتهم.
3. كيفية التعامل مع التحرش الإلكتروني قانونيًا:
في مصر، تم وضع قوانين وتشريعات تهدف إلى مكافحة التحرش الإلكتروني وحماية الأفراد من هذه الممارسات. يتضمن ذلك قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات و قانون العقوبات، حيث يعاقب المشرع على هذا النوع من السلوكيات.
أ. القانون المصري لمكافحة الجرائم الإلكترونية:
قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات (قانون رقم 175 لسنة 2018) في مصر يعاقب على العديد من الجرائم التي تتضمن التحرش الإلكتروني، من بينها:
-
التهديد والإزعاج: يعاقب القانون على إرسال رسائل تحتوي على تهديدات أو مضايقات. المادة 25 من القانون تعاقب على من يرسل رسائل تهديدية أو مسيئة عبر وسائل الاتصال.
-
التشهير الإلكتروني: يعاقب القانون على أي إهانة أو تشويه للسمعة عبر الإنترنت، ويُعتبر نشر صور أو مقاطع فيديو تضر بسمعة الشخص جريمة يعاقب عليها القانون.
-
التحرش الجنسي الإلكتروني: يشمل القانون التحرش الجنسي عبر الإنترنت مثل إرسال رسائل أو صور غير لائقة لأشخاص، خاصة إذا كان الطرف الآخر لم يوافق على ذلك.
ب. كيفية تقديم شكوى:
-
توثيق الأدلة: يُنصح الشخص المتعرض للتحرش الإلكتروني بتوثيق الأدلة مثل الرسائل أو الصور أو مقاطع الفيديو المسيئة. هذه الأدلة ستكون حاسمة في التحقيقات.
-
التبليغ للشرطة: يمكن للشخص المتضرر تقديم بلاغ للشرطة عبر الإنترنت أو التوجه إلى قسم الشرطة القريب. يجب تقديم الأدلة التي تدعم البلاغ، مثل رسائل أو صور.
-
التوجه إلى النيابة العامة: إذا كان التهديد أو التحرش الإلكتروني قد وصل إلى مرحلة تضر بالأمن الشخصي أو تسبب في أضرار كبيرة، يمكن تقديم بلاغ إلى النيابة العامة. في هذه الحالة، تقوم النيابة بالتحقيق في الأمر واتخاذ الإجراءات اللازمة.
-
التواصل مع مزودي خدمات الإنترنت: يمكن أيضًا الاتصال بـ مزودي خدمات الإنترنت مثل شركات الاتصالات أو منصات وسائل التواصل الاجتماعي، لتقديم شكوى وحظر الحسابات المسيئة أو التعرف على المهاجمين.
ج. الإجراءات القانونية والعقوبات:
-
التحقيق الجنائي: بعد تقديم البلاغ، تقوم النيابة العامة أو الشرطة الإلكترونية بالتحقيق في البلاغات المتعلقة بالتحرش الإلكتروني.
-
العقوبات: يعاقب المشرع المصري على التحرش الإلكتروني بالحبس أو الغرامة المالية أو كليهما، بناءً على شدة الجريمة.
د. الحماية النفسية والدعم:
-
الدعم النفسي: يجب على الأفراد الذين تعرضوا للتحرش الإلكتروني التوجه إلى مستشارين نفسيين للحصول على الدعم النفسي، حيث أن هذا النوع من التحرش قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب.
-
الاستشارة القانونية: يمكن للمتضررين من التحرش الإلكتروني استشارة محامي مختص في قضايا الجرائم الإلكترونية لتوجيههم نحو أفضل الطرق القانونية للتعامل مع القضية.
4. الوقاية والتوعية:
-
توعية المجتمع: من الضروري توعية الأفراد بمخاطر التحرش الإلكتروني وطرق الوقاية منه. يجب تعليم الأطفال والمراهقين كيفية استخدام الإنترنت بأمان والحفاظ على خصوصيتهم.
-
حماية الحسابات الشخصية: على الأفراد تأمين حساباتهم باستخدام كلمات مرور قوية و الإعدادات الخصوصية على منصات التواصل الاجتماعي.
-
التقارير الفورية: من المهم أن يتم تقديم تقارير فورية للسلطات المختصة عند مواجهة التحرش الإلكتروني، لأن سرعة التفاعل قد تمنع انتشار الضرر.
الخاتمة:
التحرش الإلكتروني هو جريمة تهدد الأفراد وتؤثر بشكل سلبي على حياتهم الشخصية والاجتماعية. ومع زيادة الاعتماد على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من الضروري أن يكون هناك وعي قانوني حول كيفية مكافحة هذه الجرائم وحماية الأفراد من المخاطر الرقمية. من خلال التشريعات القانونية مثل قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية و الحق في الخصوصية، أصبحت حماية الأفراد ممكنة، ويمكنهم مواجهة هذه الجرائم قانونيًا. إذا تعرضت للتحرش الإلكتروني، تذكر أنه من حقوقك القانونية اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتك والحد من الأضرار التي قد تُصيبك.
إذا كنت بحاجة إلى استشارة قانونية بخصوص التحرش الإلكتروني أو أي قضايا أخرى، يمكنك الاستعانة بـ محامي أون لاين للحصول على الدعم والإرشادات القانونية اللازمة.