التشريعات التي أنشأت مجلس الدولة وتاريخ تطوره في مصر

مجلس الدولة وتاريخ تطوره في مصر

يُعد مجلس الدولة المصري من أعرق وأهم الهيئات القضائية في النظام القانوني المصري. تأسس مجلس الدولة في مصر بهدف ضمان سيادة القانون، وتحقيق العدالة الإدارية، وتقديم الاستشارات القانونية للسلطات التنفيذية. ومن خلال هذه الهيئة، تم تنظيم الرقابة القضائية على القرارات الإدارية وحماية حقوق الأفراد ضد تعسف الإدارة. في هذا المقال، نستعرض التشريعات التي أنشأت مجلس الدولة في مصر وتاريخ تطوره.

1. التشريعات التي أنشأت مجلس الدولة:

أ. قانون 112 لسنة 1946:

تأسس مجلس الدولة المصري بموجب القانون رقم 112 لسنة 1946 الذي أصدرته الدولة في ذلك الوقت، والذي نص على إنشاء هيئة قضائية مستقلة ذات اختصاصات واسعة في مراجعة القرارات الإدارية و إصدار الفتاوى القانونية. ويُعد هذا القانون هو حجر الأساس لتأسيس المجلس وجعل دوره حيويًا في النظام القضائي المصري.

  • الأهداف الرئيسية للقانون: كان الهدف الأساسي من إنشاء مجلس الدولة هو توفير رقابة قضائية على القرارات الإدارية، لضمان عدم تعسف الحكومة أو الإدارة في استخدام سلطاتها. كما نص القانون على إنشاء محاكم قضائية إدارية تراجع المشروعية القانونية للقرارات الصادرة من الجهات الحكومية.

  • الاختصاصات: منح القانون مجلس الدولة صلاحيات واسعة تشمل:

    • إصدار الفتاوى القانونية: تقديم استشارات قانونية للهيئات الحكومية.

    • مراجعة القرارات الإدارية: محاكمة المنازعات بين الأفراد والإدارات الحكومية.

    • محاكمة النزاعات: النظر في الطعون المرفوعة ضد القرارات الحكومية المخالفة للقوانين.

ب. قانون 47 لسنة 1972:

في عام 1972، تم تعديل بعض المواد في القانون 112 لسنة 1946 بموجب القانون رقم 47 لسنة 1972. وقد أضاف هذا القانون صلاحيات جديدة لمجلس الدولة وأكد استقلاليته الكاملة في أداء مهامه، بما في ذلك:

  • إنشاء محكمة القضاء الإداري.

  • تكريس استقلالية المجلس عن باقي الهيئات القضائية الأخرى.

  • تعيين أعضاء المجلس بقرار من رئيس الجمهورية وفقًا لمعايير مستقلة.

ج. القانون رقم 55 لسنة 1999:

في عام 1999، أُقر القانون رقم 55 لسنة 1999 الذي أعطى مجلس الدولة مزيدًا من الصلاحيات في الرقابة القضائية على القرارات الإدارية، وزيّـن ذلك بتعديل بعض القواعد القانونية المتعلقة بنظر الطعون في محاكم القضاء الإداري و الإدارية العليا.

  • قام هذا القانون بتوسيع دور محكمة القضاء الإداري، وأصبح المجلس هو الجهة القانونية الوحيدة المخولة بالنظر في الطعون الإدارية، وتحديد مدى مشروعية القرارات الإدارية.

د. القانون رقم 16 لسنة 2015:

أُصدر القانون رقم 16 لسنة 2015 والذي نص على العديد من التعديلات الهيكلية في مجلس الدولة، وتضمّن آليات جديدة تتعلق بآلية اختيار القضاة وتوسيع اختصاصات المحاكم التابعة له.

  • تم في هذا القانون تحديد آلية تعيين قضاة المجلس، وكذلك تنظيم آليات العمل داخل المجلس لتحقيق العدالة في أقل وقت ممكن.

2. تاريخ تطور مجلس الدولة في مصر:

أ. تأسيس مجلس الدولة (1946):

تأسس مجلس الدولة المصري بموجب القانون رقم 112 لسنة 1946، وكان يهدف في البداية إلى إنشاء هيئة قضائية مستقلة ذات اختصاصات قانونية تهدف إلى الرقابة على السلطة التنفيذية، وتحقيق العدالة بين الأفراد والإدارة الحكومية. في هذا السياق، قام مجلس الدولة منذ تأسيسه بدور كبير في التعامل مع المنازعات الإدارية بين الأفراد والإدارات الحكومية.

ب. تطور المجلس في السبعينيات:

في السبعينات، خاصة بعد التعديلات التي أجريت بموجب القانون رقم 47 لسنة 1972، بدأ مجلس الدولة في التوسع في اختصاصاته ليشمل تقديم الفتاوى القانونية للهيئات الحكومية، بالإضافة إلى الرقابة القضائية على القوانين والإجراءات الإدارية. تم إنشاء محكمة القضاء الإداري التي أصبحت هي المختصة بنظر الطعون المرفوعة ضد القرارات الحكومية، وذلك في إطار تعزيز استقلالية المجلس.

ج. تحديثات قانونية في التسعينات:

في التسعينات، أُقر القانون رقم 55 لسنة 1999 الذي وسّع من صلاحيات مجلس الدولة ورفع من مستوى الرقابة على قرارات الجهات الحكومية. تم توسيع دائرة محكمة القضاء الإداري لتشمل مجموعة من المحاكم المتخصصة في قضايا معينة، مثل المنازعات المالية والإدارية.

د. العصر الحديث:

في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، تم إقرار العديد من التعديلات في القوانين الخاصة بمجلس الدولة، وذلك من خلال القانون رقم 16 لسنة 2015، الذي عزز من دور المجلس في الرقابة القضائية على القوانين الإدارية وصياغة السياسات القانونية. كما عزز القانون الاستقلالية الهيكلية للمجلس وأعطى القضاة القدرة على اتخاذ قرارات قانونية بعيدة عن أي تدخل خارجي.

3. أهمية مجلس الدولة في النظام القضائي المصري:

  1. الرقابة على القرارات الإدارية: يعتبر مجلس الدولة من الهيئات المهمة في الرقابة على قرارات الحكومة والهيئات الإدارية. من خلال محكمة القضاء الإداري، يتمكن الأفراد من الطعن في القرارات الحكومية التي يرون فيها تعسفًا أو مخالفة للقانون.

  2. الاستشارات القانونية: يقوم مجلس الدولة بتقديم الفتاوى القانونية التي تساعد الهيئات الحكومية في اتخاذ القرارات المدروسة بشكل صحيح قانونيًا، ما يساهم في توحيد تفسير القوانين ويعزز العدالة.

  3. دور المجلس في حماية الحقوق: من خلال الرقابة على القرارات الإدارية، يساهم المجلس في حماية حقوق الأفراد ضد أي تجاوزات إدارية أو فساد حكومي.

  4. استقلالية السلطة القضائية: يمثل مجلس الدولة حجر الزاوية في استقلالية السلطة القضائية عن الحكومة، حيث يعمل كمؤسسة مستقلة تضمن تطبيق القوانين وحماية الحقوق.

اسمع الخلاصة

إن مجلس الدولة المصري يمثل دعامة أساسية في النظام القضائي والإداري في مصر، حيث يضطلع بدور كبير في الرقابة القضائية على القرارات الحكومية، إصدار الفتاوى القانونية، مراجعة التشريعات، وحماية حقوق الأفراد. من خلال التشريعات التي أنشأته وتاريخ تطوره، أثبت المجلس دوره المحوري في تحقيق العدالة الإدارية وضمان احترام الدستور والقوانين في البلاد.

اترك سؤالك

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق